الاثنين، 26 ديسمبر 2016

كيف قضوا على الروح القتالية عند القبائل؟

بدية الحكاية من عام 1955 عندما تجمعت قبائل نوح وسيبان يقيادة المقدم سعيد بانهيم وكونت حلفا قويا ضد الدولة ، ظاهره الخلاف على نقل البضائع من الساحل إلى وادي دوعن وليسر والى بقية المناطق في الوادي ، وفي باطنه الثورة على ظلم الدولة للقبائل لا وظائف لا تعليم لا صحة .، ومحاربتهم في مصادر رزقهم ...الخ
وكانت الدولة ترى أنه لا ضرورة لنقل البضائع بالجمال مع وجود وسيلة أسرع وأضمن ، وهي السيارات ، وكانت القبائل ترى أن هذا مصدر رزقنا والسيارات تمر في أرضنا ، فإذا الحكومة ترى بذلك فلتوجد البديل لنا ، وجرت مفاوضات ماراثونية بين الطرفين لم تنتهِ الى حل مرضٍ ، حيث عجزت الحكومة عن إيجاد البديل ، وتمسك البدو برأيهم ، وأزاء تعنت الدولة وعجزها ، وإهمالها لمطالبهم قطعوا الطريق الوعر التي تمر بها السيارات  عبر العقاب المؤدية من الساحل إلى الوادي..
وعمل القبائل محطتين محطة رئيسية (ببين الجبال) ومحطة فرعية (بنقاب باخميس) ولم تقطع القبائل عقبة الجحي الوعرة لأنهم كانوا يريدون مواجهة الجيش ، ولكانوا يعرفون أن الجيش سيأتي من هذه الناحية وليس من سلسلة الجبال الجنوبية الوعرة التي قطعوها..
وخافت الحكومة على هيبتها فأرسلت لواء عسكريا بقيادة (بن سميدع) وقد كان قليل العدة والعتاد ، وكان القبائل يفوقونه في العدد إلا أن جهلهم بالحروب جعلهم يقيمون كمائنهم على رأس جبل صغير يطلقون عليه مسمى (قارة) وهو اسم عربي فصيح  وليس في الوادي جنوب هذا الجبل الذي كان سيحميهم من سلاح الجو البريطاني ، وربما ما كانو يفكرون في ذلك ..
ومع الصباح الباكر زحف الجيش ودارت المعركة وهاجم الجيش إلا أنه عاد للاحتماء بالساتر الجبلي الذي طلع منه بعد أن قتل أحد جنوده وأصيب آخر ، وزحف القبائل في هذه المرة وبدأوا يطوقون الجيش ، فأرسل القائد بن سميدع استغاثات كما علمنا فيما بعد وقبيل المغرب جاءت أربع طائرات حربية وضربت الجبل المكشوف وفر رجال القبائل وأصيبوا بالرعب من الطيران ، لأنهم لم يكونوا يتوقعون ذلك ، واستسلمت بعض القبائل التي كانت تسكن قرى مكشوفة وفرت القبائل الأخرى إلى الوديان والجبال ..
وجرت بعد ذلك مفاوضات وتم الاتفاق على أن تذعن القبائل للدولة وتسلم رهائن في مقابل أن تحمل عشرة جمال مقابل حمولة السيارة ..
أما الضربة التي تلقاها القبائل فهي في عهد الحزب الاشتراكي فقد خرجوا إلى زيارة (باراس) بمدفع وضربوا به الجبل فأثار الغبار وخرج منه شرر فارتعبوا من ذلك وقد تعمد الحزب ذلك لأن الزيارة ملتقى سنوي كبير للقبائل ..
أما ثالثة الأثافي فهي مقتل سبعين رجلا من الباقروان بدم بارد في منطقة حجر ولم يتحرك لهم أحد أو يستنكر من القبائل الأخرى خوفا من أن يكون مصيره كمصيرهم خصوصا وأن الحزب قد جند كثيرا من أولادهم في المستنقع القذر وهو أمن الدولة والمباحث العامة..
وضربة أخرى تلقتها القبائل وأصابتها بالرعب ، وهي إعدام مجموعة من رجال العوابثة جهارا نهارا وربطهم بالعلوب ( اشجار السدر ) وإطلاق النار عليهم أضف إلى ذلك تجريدهم من السلاح ومنعه  وتجنيد جواسيس من أولادهم لهذه المهمة ...

كل هذه عوامل وأسباب أدت الى تحطيم نفسياتهم ، وأصابتهم بالشلل العسكري ، وأثرت حتى في تربية أولادهم فآثروا السلامة وأحيانا يكون في السلامة الندامة..


نسيت حادثة المدحر التي قتل فيها ستة عشر جندي وشيخ قبيلة الباسلوم مليل ، وقد شاركت في هذه الحادثة عدة قبائل من سيبان وهي عبارة عن ثورة ضد الحكومة واتهم فيها بقشان بأنه المحرض ، وقد ألقي القبض على شيوخ هذه القبائل التي شاركت وحكم عليها بالإعدام إلا أن أطرافا من شيوخ القبائل التي لم تشارك توسطت عند مجلس دولة السلطان للعفو عنهم وبدون شك قدساهم ذلك في تخويف القبائل

المصدر :  كيف قضوا على الروح القتالية عند القبائل؟
حضرموت المستقبل